الاخبارStyle1]

العالم

اقتصاد[Oneright]

كوردستان[Oneleft]

رياضة

ترفيه



الأخطاء التي ارتكبتها إدارة بوش عقب غزو العراق  ساعدت بصعود نجم المجموعة

جوان كول 

هل كان لغزو إدارة بوش للعراق في عام 2003 دور في الأزمة التي نشهدها اليوم حول الدولة الإسلامية؟
تم طرح هذا السؤال الجريء خلال موسم الحملات الانتخابية الحالي، حيث قالت شابة للمرشح الجمهوري جيب بوش في إحدى حملاته الانتخابية "أخوك هو من صنع داعش". إلا أن الغزو بذاته ليس هو المتهم الأول بقدر ما هي السياسات التي طُبقت بعده ودورها في تفتيت العراق وسوريا اليوم. ما فعلته إدارة الرئيس جورج بوش هو أنها أذكت النعرات الطائفية وخلقت تمرداُ مسلحاً طويل الأمد.
لقد اختارت إدارة بوش القيام بكل ما من شأنه أن يضاعف التوتر الطائفي في العراق واضعة إياه على أول طريق الانقسام. وإصرار بعض المراقبين على أن الكراهيات المتأصلة هي ما قسم العراق عبر الزمن هو زعم غير صحيح ولا يأخذ بالاعتبار الأحداث التاريخية، ففي العقود السابقة تركزت المشاعر السياسية على معاداة الإمبريالية والاستعمار والوصاية والشيوعية، ثم جاء حل الولايات المتحدة لحزب البعث العلماني ليشجع السياسيين العراقيين على اللعب على الوتر الطائفي بطرق غير مسبوقة، مما أدى إلى النتيجة الحتمية بإثارة تمرد عنيف ومسلح. وعندما تتشكل حركة مسلحة فإنها عادة ما تبقى لمدة تتراوح بين 10 و 15 سنة.
لكن الأمريكيين يجدون صعوبة في الاعتراف بمسؤوليتهم عن قيام الدولة الإسلامية وذلك لسببين:
- أولهما أن الإعلام والعامة من الناس نادراً ما أدركوا أو اعترفوا بقدرة قوات المجتمع العراقي على التصرف بشكل مستقل، وركزوا عوضاً عن ذلك على الحملات العسكرية الأمريكية.
- وثانيهما أن العراق تحوّل إلى كرة تتقاذفها الأحزاب الأمريكية، مع تجاهل الدراسة الموضوعية للأمور وممارسة لعبة إلقاء اللوم على طرف أو آخر بلا دلائل.

بعد غزو عام 2003 عمد المسؤولون في إدارة بوش إلى تهميش العرب السنة في العراق بعد أن كانوا مسيطرين في نظام حكم صدام حسين، وفضلوا عليهم مجموعة محدودة من الشيعة الفاعلين، وتم حل منظومة السياسة الرئيسية في العراق الممثلة بحزب البعث، وهو الحزب العلماني الذي تولى الحكم منذ عام 1968 حتى 2003 وسفك الكثير من الدماء. وقام حلفاء الأمريكان من الشيعة (مثل أحمد جلبي المتوفى حديثاً) بإطلاق حملة لتطهير البلد من حزب البعث تم بموجبها فصل قرابة 100 ألف عربي سني من عمله في القطاع الحكومي، وحتى من التدريس في المدارس الحكومية، وذلك في وقت لم يكن فيه وظائف في القطاع الخاص. في حين بقي معظم البعثيين الشيعة دون أن يطلهم شيء من ذلك.
كما قام بول بريمر -الذي عينه بوش حاكماً مدنياً للعراق والذي كان يعمل في التجارة- قام في الوقت ذاته بحل معظم المصانع التابعة للدولة مما ألقى بالاقتصاد إلى الهاوية. ومن ثم أقدم على حل الجيش العراقي الذي طالما كان محط فخرٍ وتباهٍ، والمكون من مليون جندي، مرسلاً ضباطه وجنوده في حال سبيلهم بلا تعويض أو مستقبل يذكر. فاجتاحت البطالة محافظات العرب السنة كاجتياح الطاعون أوروبا في العصور الوسطى، ووصلت إلى معدل 70% في تلك المناطق حيث أينعت الحركات المسلحة. وفي المقابل، عمل حلفاء الأمريكيين الشيعة على توظيف أشقائهم في الطائفة في الحكومة الجديدة. وهكذا كان كل ما قام به بوش وحلفاؤه العراقيون معاكساً لكل ما فعله نيلسون مانديلا في محاولاته للمصالحة الوطنية بعد عهد التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا، لذا جاءت النتائج معاكسة أيضاً.

وعلى أثر استهداف الإدارة الأمريكية الانتقامي للفلوجة بعد مقتل أربع متعاقدين أمنيين في ربيع عام 2004، تحولت المدينة إلى ركام بحلول أواخر الخريف من ذلك العام بعد أن كانت مصدر فخر لأبنائها، وتم إقصاء العرب السنة في المدن الأخرى، فقاطعوا انتخابات كانون الثاني (يناير) عام 2005 ورفضوا التصويت فيها، مما أسفر عن برلمان ذي أغلبية شيعية، قام بصياغة دستور قوبل بالرفض في جميع المحافظات ذات الأغلبية السنية.
أقبل السنة على بدء حرب عصابات ضد الولايات المتحدة بعد تلقيهم تلك المعاملة السيئة، فظهرت حوالي 50 خلية رئيسية في محافظاتهم، ومنهم خلية القاعدة في بلاد الرافدين بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، وهو أردني الجنسية عمل في سرقة السيارات سابقاً، جذبت هذه الخلية كلاً من السنة المتدينين الذين بانت لهم سيطرة التحالف الأمريكي-الإيراني على العراق، إضافة إلى ضباط بعثيين سابقين ممن يعرفون مواقع تخزين أسلحة صدام حسين السابقة.

وبعد مقتل الزرقاوي في قصف جوي أمريكي عام 2006، استلم العراقيون قيادة القاعدة في بلاد الرافدين وأصبحت ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق. أخذت تستولي على مساحات شاسعة من الأراضي. وكان العديد من قادتها ضباط بعثيون سابقون بعضهم كان في معسكر بوكا الذي حجز فيه الأمريكان 25 ألف مسلح مشتبه به. من غير المرجح أن يكون هؤلاء البعثيون قد تبنوا الفكر الإسلامي المتطرف، وأكثرهم على الأغلب يستغلون الدولة الإسلامية لمصلحتهم في حشد الدعم الشعبي (وصفهم مبعوث للقاعدة بعد لقائه بهم بأنهم "ثعابين مزيفة" وخائنون للجهاد الحقيقي).
وعندما بدأ ديكتاتور  سوريا بشار الأسد بمهاجمة ثورة الشباب ضده عسكرياً وحولها إلى ثورة مسلحة وعنفية، ذهب مقاتلو الدولة الإسلامية إلى سوريا لمقاتلة ما تبقى من حزب البعث. وسمح قائد التنظيم أبو بكر البغدادي بإنشاء فرع له في سوريا في عام 2012 وهو جبهة النصرة، كانت تحوي بين أعضائها مجاهدين سبق أن شاركوا في الحربين العراقية والأفغانية ومن ضمنهم سوريون سبق لهم القتال إلى جانب الزرقاوي. ولكن مع الوقت انخرطت الدولة الإسلامية في عمليات كبيرة في سوريا، واتضحت انتهازية التنظيم سريعاً، إذ كان يدع الثوار الآخرين يخوضون المعارك الشرسة ضد الجيش السوري للاستيلاء على المناطق، ومن ثم يأتي ويستولي على هذه المناطق ممن يفترض أنهم حلفاؤه.

وفي عام 2013 عندما حاول تنظيم القاعدة ضم جبهة النصرة إليه، أمر أيمن الظواهري (الذي كان أحد مخططي هجمات 11 سبتمبر) فرع القاعدة في سوريا بالانفصال عن الدولة الإسلامية التي طردها من تنظيمه.
استمرت الأحزاب الشيعية المتدينة التي صعدت إلى السلطة في بغداد تحت الحكم الأمريكي في إقصائها للسنة، وأصبح الجيش العراقي في معظمه مكوناً من أعضاء سابقين في الميليشيات الشيعية مثل فيلق بدر الذي أسسه بالأصل مغتربون في إيران. وفي عام 2011 عندما اندلعت المظاهرات في الموصل والفلوجة، أمر المالكي بقمعها بوحشية، فتم ذلك بشكل قضى على أي أمل لدى السنة بالإصلاح السياسي أو بضمهم للحياة السياسية. ثم أعلن داعش سيطرته على محافظة الرقة في عامي 2013 و 2014 مما استرعى اهتمام النخبة من السنة في مدن عراقية مثل الموصل.
وفي حزيران (يونيو) 2014 تفاجأ العالم بتصدي السنة في الموصل للجيش العراقي الشيعي في غالبيته، حيث هاجمت الجموع قوات الشرطة والجيش وأفسحوا الطريق أمام مقاتلي الدولة الإسلامية للمجيء إلى المدينة عبر سوريا، وذلك بعد أن سئم نخبة العرب السنة من التهميش والإذلال على يد شيعة بغداد، وقرروا المخاطرة بتحالف مع الدولة الإسلامية. كان يمكن للجيش العراقي الفاسد المحافظة على الموصل بوقوفه صامداً فيها بكل بساطة. إلا أن الضباط وجندهم هربوا وسلموها إلى أيدي المجموعة المسلحة التي تمددت لتسيطر على 40% من الأراضي العراقية (لكنها تحوي فقط قرابة 10% من مجموع سكانها).

لو أن الولايات المتحدة قد وضعت كل ثقلها للتخلص تماماً من القاعدة في أفغانستان بدل مغادرتها للتركيز على العراق، لربما تم تدمير التنظيم تماماً في عامي 2001 و2002. ولكن باحتلال إدارة بوش للعراق وهبت جيلاً كاملاً من الشباب الغاضب قضية يقاتل لأجلها ونفخت الروح من جديد في تنظيم القاعدة. لو أن إدارة بوش لم تدمر الدولة العراقية وجيشها، لكان بإمكان هذه المؤسسات المحلية أن تحبط ظهور تنظيم مرتبط بالقاعدة، ولما كان ذاك التنظيم ليتعلم تكتيكات القتال من قوات البحرية الأمريكية التي حاربها في العراق، ولا كان ليطور شبكة علاقاته ليسهل حصوله على الأسلحة.
لولا ذاك التنظيم المحكم ذو الخبرة والتمويل الجيد في العراق، والذي أمكن تصديره عبر الحدود إلى سوريا، لما سَهُل تدفق الأسلحة والأموال إلى أكثر المتطرفين تطرفاً بين الثوار في تلك الدولة. كان يمكن للجيش السوري الحر أن يبقى متماسكاً كتحالف بسيط بين العرب السنة العلمانيين والمعتدلين من مقاتلي الإخوان المسلمين، لكن متطرفي القاعدة وغيرهم من المتطرفين الذين قاتلوا خلال الحرب العراقية تفوقوا على الجيش السوري الحر، ووفر تفضيل بوش للأحزاب الشيعية وتهميشه للعرب السنة جمهوراً عريضاً للدولة الإسلامية في العراق.
تبقى الإجابة على سؤال لماذا اختار بوش الترجيح الطائفي عوضاً عن مصالحة على غرار جنوب أفريقيا في طي الغموض. لكن الاعتقاد الغريب السائد بين بعض السياسيين بأن احتلالاً أطول أو أكثر وحشية للعراق كان من شأنه أن يعرقل إنشاء الدولة الإسلامية ينم عن سوء فهم عميق لدينامية الأحداث الفعلية، فالاحتلال الأمريكي هو ما خلق الظروف التي أتاحت للمجموعة أن تزدهر.

جوان كول: أستاذ تاريخ في جامعة ميشيغان- الولايات المتحدة
- See more at: http://newsyrian.net/ar/content/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D8%AA-%D9%87%D9%83%D8%B0%D8%A7-%D8%B3%D8%A7%D9%87%D9%85%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9#sthash.pL2y868f.4MOzO3Wf.dpuf

About duhokpress

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

Post a Comment


Top